الأحد، 13 يونيو 2010

نضالات جماهير الجبهة بإقليم شفشاون ضد التهميش

كتبت هذا المقال لجريدة الشيوعي التي اصدرته في عددها الثاني لشهر ماي 2010

يوم 05 يناير 2009 خرجت جماهير الجبهة، لأول مرة في تاريخها، لتعبر عن غضبها وتضامنها مع الشعب الفلسطيني في غزة. كانت هذه التظاهرة مؤشرا عن تغير مزاج الجماهير في الجبهة، اذ نظمت بمبادرة من الشباب (تلاميذ الثانوي) الذين في أغلبهم بدون أي تكوين سياسي ولا تجربة نضالية سابقة.

لقد كانت تلك المظاهرة تمرينا جيدا لتسخين العضلات الفتية قبل الدخول في المعارك المقبلة، وهذا ما كان! حيث وقبل انتهاء سنة على تلك المحطة النضالية، دخلت الجماهير مرة أخرى لساحة النضال، وكانت الشرارة التي أشعلت لهيبه انقطاع الماء الشروب لازيد من أسبوع دون تدخل أي مسؤول لحل هذا المشكل.

الفورة النضالية

في البداية دعا بعض الشباب لتنظيم وقفة احتجاجية أمام المكتب الوطني للماء الصالح للشرب يوم 29 دجنبر 2009 لكن مدير المكتب رفض الحوار مع المعتصمين وتلفظ بألفاظ بذيئة في حقهم، لتتطور الأمور إلى مسيرة احتجاجية جابت مختلف شوارع الجبهة وتوقفت أمام اغلب أجهزة الدولة (القيادة، الجماعة، المكتب الوطني للماء).

استمرت هذه المسيرة أكثر من خمس ساعات، سادت خلالها روح كفاحية عالية وهو ما عكسته الشعارات التي رفعت خلالها، وبسرعة تعلم الشباب كيفية احتلال الشارع وتحدي القمع، هذه هي الخطوات الاولى في اكتساب الخبرة في الاحتجاج الجماهيري.

كانت اغلب الحوارات عبارة عن دردشات مع القائد ورئيس خلية الدرك الملكي اللذان وعدا السكان بعودة الماء خلال ساعات، لكن الساعات مرت والمياه لم تعد إلى الصنابير، فتم فرز لجنة حوار من أجل إيصال مطالب الساكنة إلى المسؤولين والضغط عليهم من اجل تحقيقها، لكن هذه اللجنة لم تجد من يتحاور معها. وفي حدود الساعة 19:30 اختتمت المسيرة بوعد تجددها غدا في العاشرة صباحا مع اغلاق جميع المحلات التجارية والحرفية وإضراب للأساتذة والمعلمين


.

في الساعة العاشرة صباحا من يوم 30 دجنبر 2009 انطلقت الشرارة من الثانوية، إذ نظم التلاميذ مسيرة جابت شوارع الجبهة وتوقفت أمام أجهزة الدولة مثل الأمس، انظم الآباء والأمهات إلى أبنائهم العطشى المطالبين بحقهم في الماء الصالح للشرب، وتوقفت المسيرة أمام جميع المحلات التجارية التي رفضت الإغلاق وأرغموها على الإقفال، وبسرعة تحولت المطالب الآنية الخاصة بالماء إلى مطالب اجتماعية عامة ورفعت شعارات ضد البطالة وغلاء الاسعار.

عقد جمع عام لكل المشاركين في المظاهرة، في مركز البلدة، تم خلاله تسطير مطالب جماهير الجبهة، وافرزت لجنة لرفع هذه المطالب للمسؤولين ضمت هذه اللجنة عمال وبحارة ومعطلين واساتذة وموظفين وتلميذتين وتجار...

حضر رئيس دائرة باب برد للحوار مع ممثلي السكان، لكن تبين عدم قدرته على الاستجابة لهذه المطالب وضـل يعد المتحاورين طيلة الوقت بأنه سيرفع مطالبهم المشروعة إلى الجهات المختصة، في نفس الوقت كان المعتصمون ما زالوا يرابطون امام باب قيادة الجبهة، ولم ينصرفوا الا بعد عودة المياه الى الصنابير وقراءة نتائج الحوار، فأعلنت أغلبية المعتصمين عن نيتها في الاستمرار في التظاهر إذا لم يتم تنفيذ مطالب السكان في أجل قدره شهرين


.

الانتخابات

في بداية هذه الحركة النضالية الرائعة أحجم عن المشاركة بعض الذين يعتبرون أنفسهم "مناضلين" بحجة ان سكان الجبهة يستحقون ما يحدث لهم، على اعتبار أنهم صوتوا على الرئيس الحالي للجماعة في الانتخابات الجماعية الاخيرة وفاز بهامش كبير على منافسيه، وهو ما نعتبره مبررا سخيفا لعدم المشاركة في النضال من جانب هؤلاء "المتجذرين"، الذين لا يفهمون أي شيء عن الجماهير بالرغم من انهم يتحدثون صباح مساء باسمها! إن الجماهير لا تتعلم في مدرسة المدعين ولا بخطاباتهم، بل تتعلم من خلال تجربتها الخاصة। حيث أن الذين صوتوا، وهم الأقلية على كل حال [والدليل على ذلك هي النسبة الضعيفة للمشاركة سواء على المستوى الوطني أو بالنسبة لمركز الجبهة التي لم تصل فيه حسب الاحصائيات الرسمية الى 40%، هذا دون الحديث عن العديد من الشباب الذي يرفض اصلا التسجيل في اللوائح الانتخابية.]، لفائدة الرئيس الحالي لم يجدوا منافسا حقيقيا له، بل مجموعة من الاشخاص الذين سبق لهم ايضا تسيير الجماعة واثبتوا جدارتهم في الفساد، فصوت من صوت بحثا عن بديل قد يحقق لهم ولو بعض الوعود التي قدمها، ثم أعطوه ما يكفي من الوقت ليروا هل سيتحقق أي شيء، لكنهم بعد ان يئسوا من الانتظار نهضوا ليحلوا مشاكلهم بأيديهم، وعندما احتاجت جماهير الجبهة ان تسمع صوتها الحقيقي فقد سمعه الجميع لا على المستوى الوطني او الاممي، الجميع سمع صوتهم المدين لتهميش الجبهة وتعطيش سكانها.



القمع يكشر عن انيابه:

اثناء هذه الحركة الرائعة جدا، وكما هي جميع الحركات النضالية، قام بعض الاشخاص بتكسير بعض مصابيح الانارة العمومية وبعض احواض الازهار أمام مسكن رئيس الجماعة وبوابة المكتب الوطني للماء، وهذا هو المبرر الذي استغلته الدولة لتوجيه ضربة قمعية لجماهير الجبهة لتجرؤها على الاحتجاج، فقامت قوات الدرك باعتقال ثلاثة شبان من المشاركين في الاحتجاجات، ياسين البازي (19 سنة) ومحمد زتيف (21 سنة) ومحمد سعيد أورياغل (20 سنة)، بعد عشرة ايام عن انتهاء الاحتجاجات، وقدمتهم للمحاكمة بتهم تخريب ممتلكات عمومية وخاصة، والمشاركة في مظاهرات غير مرخصة، واهانة موظفين اثناء اداء عملهم.

لكن الذي لم يتوقعه النظام هو موجة التضامن التي التفت حول المعتقلين لا سواء على المستوى الوطني أو الاممي، إذ شهدت محاكمة المعتقلين حضورا مكثفا لعائلات وأصدقاء المعتقلين ونظمت وقفات تضامنية معهم على هامش محاكمتهم يومي 21 يناير و04 فبراير 2010 شــــارك فيها العديد من الهيئات والاطالات الجمعوية والسياسية، من الجبهة وشفشاون، تطوان، طنجة، القصر الكبير (الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، رابطة العمل الشيوعي، الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، جمعية أطاك....)

وتقاطرت على البريد، المخصص للتضامن مع المعتقلين، العديد من رسائل التضامن من مختلف بقاع العالم ونشرت أخبار نضالات جماهير الجبهة والاعتقالات التي تعرض لها هؤلاء المعتقلين على العديد من المواقع الالكترونية، كان أبرزها مواقع التيار الماركسي الأممي الذي نظم حملة تضامنية مع جماهير الجبهة بالعربية والانجليزية والاسبانية والفارسية...، وقد بدت السلطات جد منزعجة من ضخامة حملة التضامن، وبسبب ضغط مختلف الأشكال التضامنية ترددت السلطات في أي قرار تتخذ. وفي النهاية عملت على إطلاق سراح المعتقلين الثلاثة، يوم الخميس 04 فبراير 2010 ، بعد أن قضوا حوالي شهر في الاعتقال، حيث تم الحكم عليهم بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ لكل واحد منهم।



لقد كان هذا الحكم، بالنسبة للقضاة والبوليس، حلا لإنقاذ ماء الوجه. إذ أنهم في الواقع خسروا المعركة. لقد اعتقدوا في البداية أن الاعتقالات سوف ترهب جماهير بلدة الجبهة وتخضعهم، لكن العكس هو الذي حصــل: فالاعتقـــالات زادت النار اشتعالا؛ وبدل أن تدفع بهم إلى النحيب والعويل، ردت عائلات المعتقلين ولجنة الدعم بقوة من خلال القيام بتحركات جديدة. ومنذ تلك اللحظة فصاعدا، صار المعتقلون يشكلون مصدر إحراج للسلطات، التي أرادت التخلص منهم بأسرع وقت ممكن.

لقد كان وصول المعتقلين الى الجبهة حدثا أجج مجددا جذوة النضال بين السكان فنظموا لهم استقبالا شعبيا، جابت خلاله تظاهرة شارك فيها اصدقاء وعائلات المعتقلين والعديد من شباب البلدة، مصحوبة بفرق فلكلورية محلية فكانت تسمع اصوات الزغاريد المختلطة مع الشعارات في مختلف الاحياء التي مرت منها التظاهرة.

عندما كان هؤلاء الشباب معتقلين، تعالت بعض الصيحات المستهجنة لتخريب "الممتلكات العمومية" من طرف بعض السادة "المسالمين"، هؤلاء الذين لم يكلفوا انفسهم عناء مشاركة السكان الاحتجاج على الوضعية المتردية التي توجد فيها بلدتهم، يمكننا ان نقول الشيء الكثير حول الطرق المستعملة في الاحتجاج، إننا لا يمكن أن نوافق على تدمير "الممتلكات العمومية"

والمحلات المهنية أو تكسير السيارات، إن هذه الاساليب تقدم للمسؤولين المبرر الذي تبحث عنه من اجل الظهور بمظهر "حامية الممتلكات العمومية" وتعطي الفرصة للذين يجيدون النباح كي يستمروا في نباحهم.

لكن مهما كان، فإن موقف المسؤولين والسادة "المسالمين" اتجاه التخريب هو موقف منافق، فما تم تكسيره خلال هذه الحركة الاحتجاجية، بغض النظر عن امكانية اندساس بعض العناصر الاستفزازية، لا يشكل شيئا مقارنة مع ما خربه المسؤولون الذين تعاقبوا على تسيير الجبهة منذ "الاستقلال"।



الاشعاع

بالرغم من تراجع الحركة الآن، الا أن الرغبة في النضال ما زالت مستعرة في النفوس، خصوصا أن جميع الظروف التي جعلت جماهير الجبهة ينجزون هذه الحركة الرائعة ما زالت قائمة، وأصبح الجميع يعرف أن هذه التجربة الغير مسبوقة ستتكرر وستسفيد منها العديد من المناطق المجاورة.

بعد أشهر قليلة، انفجرت مرة أخرى حركة جماهيرية في منطقة باب برد، التي لا تبعد عن الجبهة سوى بكلمترات قليلة، من طرف الفلاحين الفقراء اللذين يعتاشون على زراعة القنب الهندي، وقاموا بنفس الخطوات التي استُخدمت في الجبهة (مسيرات، وقفات، اضراب شامل للمحلات التجارية وأوراش الحرفيين)، وهذا يعكس السرعة التي التي تتعلم بها الجماهير، وأن التقاليد النضالية سرعان ما يتم استرجاعها وتطويرها.

الثلاثاء، 1 يونيو 2010

القمة (مسرحية من فصل واحد)

كتبت هذه المسرحية قبل الاجتياح الاسرائيلي لغزة في يناير 2009، وقد قامت فرقة "أولاد الدرب" المسرحية بعرضها في نشاط تضامني مع العشب الفلسطيني في غزة، من تنظيم جمعية مرسدار في فبراير من نفس السنة، وأعيد نشرها هنا لتكرار نفس القصة مرة اخرى وهي الجدل بين الانظمة العربية حول ضرورة عقد قمة عربية من عدمها، على اثر الهجوم الاسرايلي الوحشي على قافلة كسر الحصار على غزة، فلأترككم مع المسرحية وستجدون مرفقا معها بعض الصور لفرقة أولاد الدرب أثناء تأديتهم لهذه المسرحية.

الشخصيات:

الأمين العام: الشخصية المركزية في المسرحية، اذ يحتكر أغلب الحديث، ويجب أن يكون حسن الهندام (بذلة وربطة عنق ان امكن)
القائد 1: احد الرؤساء العرب ويجب أن يرتدي أيضا بذلة وربطة عنق ان أمكن (مصر، تونس)
القائد 2: يجب أن يرتدي لباسا خليجيا
القائد 3: يرتدي عباءة "تشامير" (موريتانيا، ليبيا)
القائد 4: يرتدي سروال جين أو سروال قصير وقبعة بيسبول.
صوت من الجمهور: يتدخل أحيانا في سير الحديث أثناء المسرحية.
المذيع: يشارك في مشهد واحد ويجب ان يتوفر على مجسم أشبه بالتلفاز يحمله بيده ويتكلم من خلاله. ويمكن أن يقوم بهذا الدور صاحب الصوت من الجمهور.
الجمهور: الجمهور يشارك في نهاية المسرحية إذ يقوم بعض أفراد الجمهور بقذف الممثلين بأوراق على شكل حجارة ويقومون باحتلال الخشبة.

الديكور:

كراسي وطاولات مرصوفة على شكل نصف دائرة مثل اجتماع بحيث تبدو ما تحت الطاولات بوضوح، مع ملصقات وصور تعبر عن اجتماع للقادة العرب، يحمل بعض الممثلين عصي المكانس يستخدمونها لضرب زملائهم تحت الطاولات أحيانا. طاولة جانبية موضوع عليها قارورة خمر وبعض الكؤوس.


المسرحية:

تفتح الستارة على الممثلين جالسين في أماكنهم.
ينهض الأمين العام ويقف في مواجهة الجمهور، القائد1 يعدل ربطة عنقه ويحاول تمشيط شعره، الثاني يتحدث في الهاتف، الثالث يقرأ جريدة، ، والرابع يأكل الزريعة
الأمين العام: نرجوا من حظرات المتفرجين التزام الصمت والانتباه، القمة ديانا بدات، والمشكلة اللي كندرسوها مع الزعماء قادة الدول العربية مهمة بزاف، ماشي غير لينا، مهمة حتى ليكم نتوما، وشكرا.
(يعود إلى كرسيه ويخاطب الحاضرين في القمة)
- جرت العادة أن أقدم لكم تقريرا حول مختلف المشاكل والقضايا التي تهم الأمة العربية العظيمة جدا (تصفيق من القادة واستهجان من الجمهور..) وخصوصا مشكل القضية الفلسطينية والعراق.
لكن هاد الجلسة الطائرة عفوا الطارئة غادي نخصصوها لمشكل خطير كنواجهه في الدول ديانا. إيه كاملين لاحظتوا أن الميريكان حاصلة في أزمة اقتصادية عالمية كبرى والأوروبيين اجتمعوا مع بعضهم، وكاع الدول د العالم كاملين داروا الاجتماعات باقيين غير حنا، وعلى داك الشي احنا دابا اجتمعنا.
هاد الأزمة جعلت الأسعار كطلع لفوق لفوق بزاف، والكثير من الناس جبرو راسهم بلا خدمة، مما أدى إلى ارتفاع آش كيقولولو
القائد 1: الأسعار
الأمين العام: لا، منين بنادم كيرجع يفهم
القائد 3: الوعي

الأمين العام: تماما هو هاداك الوعي، آه اش كنا كنقولو، الحومق كلهم رجعو بعقلهم وبداو يطالبو بالحقوق ديالهم، وظهرتنا ظاهرة غريبة وهي انخفاظ نسبة الجنون بين مواطنينا الاعزاء (تصفيق من المؤتمرين)
المواهب ديالكم ما بقاتش كتوكل، لذا خصكم دطوروا راسكم وتعرفوا بأن المصلحة مشتركة. لهاذا خص الخدمة دهاد المصلحة تكون مشتركة (بقسوة) ومن أجل هذه المصلحة أنا ضحيت بالغالي والنفيس واليوم مع هاد الازمة كنشوف أن مصلحتنا في خطر.
صوت من الجمهور: خصنا نعرفو بوضوح موقفكم من الحصار على غزة والاحتلال الامريكي للعراق!
الامين العام: (وكأنه لم يسمع شيئا) أجل إن مصلحتنا في خطر، لكن انا خممت مزيان وبعد جهد جهيد وتفكير شاق توصلت لوحد الفكرة عبقرية غادي تجنبنا هاد الازمة الاقتصادية العالمية، ودابا خصنا نشربو شي طراكو في صحة هاد الفكرة، ومن بعد نشرحها لكم ...
(ينهض القائد 4 مسرعا الى الطاولة التي توجد عليها قارورة الخمر والكؤوس ويبدأ في ملأ الكؤوس)
القائد 2: لكن كيفاش غادي نشربو طراكو في صحة هاد الفكرة واحنا باقيين كاع ما سمعناها، وطبعا باقيين ما اقتنعناشي بالنجاح ديالها (يركله القائد 1: تحت الطاولة لاعتراضه على كلام الامين العام)
الامين العام: نشربو دابا، باش نكونو فواحد الوضعية مناسبة باش غادي نستقبلوا هاد الفكرة العبقرية ديالي، واذا ما عجبتكمشي نشربو طراكوا آخر حتى تقتنعوا، لكن ثقوا فيّ،غادي تحمسولها بزاف في الاخير!
(يتناولون الكؤوس ويشربونها)

القائد 1: حقا إنها فكرة رائعة!
القائد 2: مدهشة!
القائد 4: عبقرية!
(الامين العام يراقب تعليقاتهم بابتسامة راضية ثم يدق الطاولة بيده يجفل لها القئد 4 الذي بدا يغالبه النوم)
الامين العام: دابا ننتقلوا للفكرة (يتنحنح ويفك ازرار سترته) أنا هدرت فهاد الموضوع مع صديقي صاحب الجلالة رئيس الجمهولكية العربية المتفرقة (ويشير بيده الى القائد 1)
القائد 1: أنا اش داني فشي حومق
الامين العام: ايوا خليني نكمل بعداك! (يواصل بلهجته السابقة) صاحب الجلالة رئيس الجمهولكية العربية المتفرقة هدر مع صاحبو القديم من أيامات الحرب، (بصوت هامس ومتلفتا حتى لا يسمعه أحد) الجنرال شارون (الامين العام يراقب الحاضرين الذين تظهر على وجوههم نظرات الاعجاب مع التلفت كمن ضبط متلبسا بجريمة.)
الامين العام: (يضحك بخيلاء ثم يعود الى الجدية) غدا تقراو في الجرائد خبرا مثيرا
(بضع يديه على شكل من يقرأ جريدة ويبدأ في القراءة مع ارتكاب بعض الاخطاء الاملائية، مع تصحيح بعض القادة لهذه الاخطاء، واحيانا يقوم بقرائتها بشكل صحيح ويقوم قائد ما يتصحيحها بشكل خاطئ ويخلق بينه وبين قائد آخر صراع جانبي يشتمون يعضهم ويضربون بعضهم بالركلات وعصي المكانس من تحت الطاولة)
الآمين العام: "قررت الجامعة العربية تبني المشاريع الوطنية لرعاية المجانين، وتحمست كل الدول العربية للفكرة وأعربوا عن استعدادهم لتمويل هذه الشوارع
القائد 3: المشاريع
الامين العام: شكرا، أعربوا عن استعدادهم لتمويل هذه الشوارع عفوا المشاريع كل في بلده، وتقديم الهبات المالية للمستثمرين في هذا القطاع مع إعفاء من الضرائب مدى الحياة، وذلك في سبيل خلق وحدة عربية متينة ورفع المستوى العمراني.
القائد 2: العمراتي أسي الامين
القائد 3: هي هاديك صحيحة العمراني، مشيو قراو بعداك عاد أجيو صحوا للناس
القائد 2: أخرس ياكلب أنت غادي تصحح لي
القائد 1: يخاطب القائد 4 النائم: كيف ترد على هذا الكلام
القائد 3: مخاطبا القائد 2: الكلب هو بّاك الحمار
القائد 1: يا جماعة ياجماعة (مخاطبا القائد 2) سأعطيك فرصة بعد الفاصل
القائد 2 يركل القائد 3 تحت الطاولة ويرد عليه القائد 3 بضربه بعصى المكنسة يتدخل الامين العام لفك الاشتباك، القائد 4 ما زال نائما.
الامين العام: (يضرب الطاولة بقوة يستيقظ القائد 4) واش انتم باقيين دراري كتدابزو على واش العمراني او العمارتي، واش احنا خصنا نفكروا في الاستثمارات وانتم شادين لي فالتخربيق اسيدي اللهلا يوصل شي حضارة عمرانية لهاد البخوش (يهدا الجميع فيعود الامين العام لوضعيته السابقة)
الامين العام: قلنا، رفع المستوى العمراني ماشي العمراتي (القائد 2 يهمهم في غضب) وتطور الازدهار الاقتصادي، والله يا باباكم ويصحح لي شي واحد دابا وخّا نخطأ، حتى يصبح العالم العربي شبيها في التقدم بالاتحاد الاوروبي والدول الحديثة، ياك همّا دارو الاورو واحنا العرب غادي نديرو "العورو" باش نعوروا العينين دياياكم (مشيرا الى الجمهور).
إن هذا دليل على اهتمامنا بشؤون الشعب، وقضاياه الحيوية* ولقدرتنا على تحمل المسؤوليات الصعبة التي تفرضها علينا المرحلة التاريخية التي تمر بها أمتنا.
(تصفيق من طرف القادة مع تبادل ضربات الركل تحت الطاولة ما بين القائدين 2 و 3)

صوت من الجمهور: وفلسطين والعراق واش نسيتوهم ولاّ.
القائد 2: (وكانه لم يسمع شيئا) لكن المشكل شكون غادي يبني وبسيّر هاد السبيطرات دالحومق، وزايدون همّا السبيطرات موجودين فكل مدينة.
القائد 4: الرأي ديالي، صباح الخير بعداك، الرأي ديالي تبنيهم الدولة وتجهزهم داك الساعة تبيعهم.
القائد 1: مزيانة هادي ونعملو حملة بأننا نشجع الاستثمارات الاجنبية ونبيعوا السبيطرات للكوار.
القائد 3: لا!! نحن ضد الاستثمارات الاجنبية يجب تشجيع المستثمرين المحليين، من أجل منافسة الاقتصاد العالمي المتمثل في العولمة ونديرو حنا العوربة كنترا على الكوار.
الامين العام: بلأّتي بلأّتي، ما تزربوش، باقي ما وصلناشي لهاد الشي. أولا خصنا نشربوا شي طراكو آخر
(يتلفتون بحثا على قارورة الخمر ولا يجدونها ينظرون بغضب للقائد 4 فيخرجها من تحت الطاولة فارغة، ينهض القائد 4 ويخرج من الخشبة ويعود حاملا قارورة جديدة ويملأ الكؤوس ويشربونها بسرعة)
الامين العام: أنا متأكد أن حتى شي واحد فيكم ما فكر في واحد النقطة جد مهمة، ما يمكنش يدار هاد المشروع بلا بيها!
(في هذا الوقت يرن الهاتف النقال دالامين العام وينشغل في الكلام بينما يتهامس الرؤساء العرب ويتبادلون الركلات والشتائم والكؤوس والقبلات)
- آش خصك عاو تاني، كتعرفي بأنه عندنا اجتماع د القمة د العرب،......... آش خصها مراتي؟ ... مريضة! دائما مريضة... تمشي لعند الطبيب اللي خصها، وأنا غادي ندعي معاها...
(يواصل الكلام في التلفون بحيث لا يسمعه الجمهور، بينما يستمر الرؤساء فيما يفعلونه، في هذه الاثناء يصعد المذيع الى الخشبة يحمل قي يده مجسم على شكل تلفاز يقف وهو يحمله بيده بحيث يبدو وجهه للجمهور وكانه مذيع يقدم الأخبار، ويبدأ في سرد الأخبار)
المذيع: أثناء انعقاد القمة العربية الاستثنائية والمستعجلة على اثر حصار عزة من طرف الكيان الصهيوني وقطع الامدادات الحيوية عنها من ماء وكهرباء، تقوم حاليا الالة العسكرية الاسرائيلية بقصف مدن القطاع بواسطة الصواريخ مخلفة العشرات من القتلى والجرحى في صفوف الأطفال والنساء، وفي خبر آخر لقد تأكد اغلاق معبر رفح الحدودي مع مصر من طرف السلطات المصرية مخافة أن تقوم الجماهير الفلسطينية المحاصرة من طرف الكيان الصهيوني بنزوح جماعي للأراضي المصرية.
ورغم الخلافات التي سادت بين القادة العرب قبل انعقاد القمة الا انه قد أكد لنا مصدر جد مطلع أن الأجواء تحسنت وهناك احتمال إصدار قرار موحد بشأن قضية جد مهمة، رفض مصدرنا اطلاعنا عن فحواها.
(ينزل المذيع عن المنصة، ويقفل الامين العام الهاتف وتعود الأجواء في القمة لجديتها)
الامين العام: الفكرة ديالي هي اذا درنا السبيطرات د الحومق على اساس يكونوا مجهزين بطريقة حديثة، حتى نستغل هذه النعاج في الترويج للبحث السيكولوجي، بحيث يصبح هواية شعبية في كل الدول العربية، هذه أولا.
أما ثانيا، فعندما ترى الدول الأخرى مدى النجاح اللي حققناه، غادي يطلبو منا المساعدة باش نديرولهم مشاريع مشابهة لديانا، وطبعا خصنا نردو البال ونفتحو عينينا لأن الدول اللي مخاصمة معانا تقدر تدير داك الوسائل ديالها، ديال الجاسوسية باش يسرقو الخرائط والاسرار د السبيطرات ديالنا، على أي حال هاد المشكل خص يبقاو وزراء الداخلية يسهرو ويقصرو عليه على الاقل مرة في الصيمانة.
القائد 3: اسمح لي اسعادة الامين العام د الجامحة الغربية، أصلا احنا ما وصلناشي لهاد الشي، احنا باقيين فشكون اللي غادي يبني السبيطرات وشكون غادي يسيرهم، وآش غادي نديرو بالسبيطرات القديمة.
القائد 2: اسكت يا كلب، يا عميل، انت لا تعرف مصلحتنا العربية العظيمة، نحن ننوي انجاز مشروع حضاري وانت كتكلم في التفاصيل الخاوية.
الامين العام: بلاتي، غير بشويا عليكم، كلشي غادي ناقشوه، ياك هادي جلسة مغلقة، الهدرة الخاوية قلناها البارح احدا التلفزيون، ودابا حتى واحد ما كيسمعنا (مشيرا الى الجمهور) حتى نتوما ما كتسمعوناش، هاد الشي غير بيناتنا، ايوا آجي ندخلو في التفاصيل.
الاقتراح ديالي هو نعطيو لكل دولة عربية الحرية في اتخاذ القرار بغات هي تبني السبيطرات تبر راسها، بغات تعطيهم للخواص ماشي سوقنا، اللي أساسي خصنا كل حومة وكل قرية يكون فيها سبيطار ديال الحومة كبير كيتسع لكل سكان الحومة.
القائد 4: (يحك رأسه متثائبا) لكن منين غادي نجيبو هاد الحومق باش نعمرو هاد السبيطرات.
القائد 1: مالك اصاحبي، زعما حرافتلك، اراه تجمع غير الحومق اللي فالبلاد، يشيط الخير.
القائد 2: لا ما يكفيوش، عدنا الغرض في عدد كبير ديال الحومق، اللي موجودين ما كافيينش، وزايدون الاغلبية د العائلات كتفضل يبقاو ولادهم الحومق معاهم في الدار.
القائد 3: ودابا مزيان هايدا كيكون النقاش ماشي زبل في نزبل فيك (في نفس اللحظة يركل القائد 2 من تحت الطاولة) خصنا نديرو حملة دعائية من أجل تشجيع الجنون ونرفع شعاره 10 مليون مجنون في افق 2010 لكل بلد.
القائد 2: اش كتقول اخاي، انا البلاد كاملة عندي فيها نص مليون.
القائد 1: ايوا اجمعهم في سبيطر واحد وهني راسك.
الامين العام: مزيان، مزيان، كلها اقتراحات مزيانة بزاف وبنائة، لكن انا عندي واحد الاقتراح جد مهم

(في هذه الاثناء يرن هاتف تلفون القائد 3، يتحدث بهمس ووجهه مصفر، بعد أن ينهي التلفون يبدأ في البكاء)
القائد 1: اش كاين ياك لاباس.
صوت من الجمهور: وساليو علينا هاد المسرحية، مزيان اللي يجري على باباكم من هاد الخشبة.
القائد 3: يرد من بين الدموع والصراخ: دارو علي انقلاب، ولاد الحرام خلاوني غير انا جيت للقمة وهما ينقليو علي، داك العساكرية ولاد الحرام، هاد ولد الحرام هو اللي شعلها لم (مشيرا الى القائد 2)
القادة والامين العام بصوت واحد: اخرج علينا ما بقيتيش منا.
(ينهضون لاخراجه وهو متشبث بكرسيه لا يريد ان يفارقه فيحملونه بكرسيه ويخرجونه بينما يقوم الامين العام بكتاية شيء على ورقة)
الامين العام: ايوا هادي كاع ما طاحت علي خصني نزيدها في البيان الختامي
(يرجع القادة)
القائد 2: كنت كتقول بأنه عندك شي اقتراح جد مهم اشنو هو
(في هذه الاثناء يكون الصف الاول من الجمهور حاملا أوراق على شكل حجارة يبدأون بقذف القادة وهم يصيحون: الاقتراح ديانا هو خرجوا علينا الكذابة، يالله الزنقة. يبدأ القادة بالنزول من الخشبة ويصعد لها بغض افراد الجمهور وهم يصيحون
"فلسطين فلسطين دم في عروقي ولا انساها ولو اعدموني" مرات متعددة وتصدح اغنية مرسيل خليفة: منتصب القامة امشي مرفوعة الهامة امشي، ويردد الجمهور الذي صعد الى الخشبة الاغنية مع المغني حاملين اوراق مكتوب عليها شعارات تضامنية مع فلسطين وعلم فلسطيني ان امكن، بعد نهاية الاغنية يتقدم احد الجمهور الذي كان يصيح من القاعة ثم يخاطب الجمهور:
الصوت: فعوض هاد الكدابة اللي جرينا عليهم احنا اللي غادي نقراو البيان الختامي (ويبدأ في قراءة كلمة يعلن فيها تضامن تلاميذ الثانوية وسكان الجبهة مع الشعب الفلسطيني وادانته للانظمة العربية التي تشارك في حصار غزة.
بعد الانتهاء من الكلمة يعود الممثلين الرئيسيين الى الخشبة من أجل تحية الجمهور لكن مع بقاء محتلي الخشبة فوقها وهم يقبضون عليهم كالمجرمين.